الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب ***
الطويل أشارت كليب بالأكف الأصابع على أن بقاء عمل حرف الجر بعد حذفه شاذ. وعند ابن عصفور ضرورة، والتقدير: أشارت إلى كليب، وكان القياس النصب بعد حذف الجار. وقد رأيته في ديوانه وفي المناقضات منصوباً. وأنشده أبو علي الفارسي في التذكرة القصرية بالرفع. وكذا رأيته في شرح المناقضات، قال شارحها: أراد: أشارت الأصابع: هذه كليب. ويروى: أشرت كليباً، أي: رفعت. وهذا المصراع عجز، وصدره: إذا قيل أي الناس شر قبيلة والبيت من قصيدة عدتها خمسة وأربعون بيتاً للفرزدق، ناقض بها قصيدة لجرير هجاه بها على هذا الروي، وغالب أبياتها في كتب النحو. وهذا مطلعها: منا الذي اختير الرجال سماحة *** وخيراً إذا هب الرياح الزعازع ومنا الذي قاد الجياد على الوجى *** لنجران حتى صبحتها النزائع ومنا الذي أعطى الرسول عطية *** أسارى تميم والعيون دوامع ومنا الذي يعطي المئين ويشتري ال *** غوالي ويعدو فضله من يدافع ومنا خطيب لا يعاب وحامل *** أغر إذا التفت عليه المجامع ومنا الذي أحيا الوئيد وغالب *** وعمرو ومنا حاجب والأقارع أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع بهم أعتلي ما حملتني مجاشع *** وأصرع أقراني الذين أصارع فيا عجباً حتى كليب تسبني *** كأن أباها نهشل ومجاشع تنح عن البطحاء إن قديمه *** لنا والجبال الراسيات الفوارع أخذنا بآفاق السماء عليكم *** لنا قمراها والنجوم الطوالع أتعدل أحساباً لئاماً أدقة *** بأحسابنا إني إلى الله راجع وكل فطيم ينتهي لفطامه *** وكل كليبي ولو شاب راضع تزيد يربوع بهم في عديدهم *** كما زيد في عرض الأديم الأكارع إذا قيل أي الناس شر قبيلة *** أشارت كليباً بالأكف الأصابع وقوله: منا الذي اختبر الرجال سماحة، يأتي شرحه إن شاء الله في بيت بعد هذا. وقوله: ومنا الذي قاد الجياد إلخ ، هذا هو الأقرع بن حابس، وعمرو ابن كلثوم، كلاهما غزوا نجران. وقوله: ومنا الذي أعطى الرسول إلخ ، هذا يوم بني عمرو بن جندب، حين رد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيهم. وقال أبو عبيدة: كلم الأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحاب الحجرات، وهم بنو عمرو بن جندب، فرد سبيهم. وقوله: ومنا خطيب إلخ ، الخطيب هو عطارد بن حاجب بن زرارة، حين وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني تميم. والحامل: عبد الله بن حكيم، الذي حمل الحمالات يوم المربد، يوم قتل مسعود بن عمرو العتكي وقوله: ومنا الذي أحيا الوئيد هو جده صعصعة بن ناجية، كان يشتري البنت ممن يريد وأدها، فأحيا ستاً وتسعين موؤودة إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: فيا عجباً حتى كليب البيت، يأتي شرحه إن شاء الله تعالى في حتى الجارة. وقوله: إذا قيل أي الناس إلخ ، إنما بنى قيل بالبناء للمفعول لأنه أراد التعميم، أي: إذا قال قائل. وجملة: أي الناس شر قبيلة من المبتدأ، والخبر نائب الفاعل، ونيابة الجملة المختصة بالقول، نحو: ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون لأن الجملة التي يراد بها لفظها تنزل منزلة الأسماء المفردة. وشر أفعل تفضيل حذفت منها الهمزة. وأشارت: جواب إذا. وروى أبو علي في تذكرته: أشرت بدله، وقال: يريد أشارت إليها بأنها شر الناس، يقال: لا تشر فلاناً، أي: لا تشر إليه بشر. وإنما قال أشارت للإيماء إلى أن حال هذه القبيلة في الشر، قد صار أمراً محسوسً يشار إليه. والأصابع: فاعل أشارت، وإنا جمع للتنبيه على كثرة المشيرين، كل واحد منهم يشير إليهم بإصبع واحدة، كما هو المعتاد. قال الدماميني: وبالأكف حال من الأصابع، أي: أشارت الأصابع في حالة كونها مع الأكف. يعني أن الإشارة وقعت بالمجموع. قال: وفيه مزيد ذم لهذه القبيلة، فالباء على هذا للمصاحبة. وقيل هذا من قبيل القلب المقبول، لتضمنه معنى لطيفاً، وهو المبالغة في هجو هذه القبيلة، لإيهام أنه صار يشار إليها حال السؤال عن حالها على خلاف المعتاد، لمزيد شرها. والأصل: أشارت الأكف إلى كليب بالأصابع، فالباء للاستعانة. قال ابن الحنبلي: ويقوي الأول، أنه يقال: فلان يشار إليه بالأصابع، ولا يقال بالكف، فلتكن الأصابع هنا هي المشيرة ظاهراً وباطناً، على التجوز في الإسناد، من دون قلب. ورد ابن الملا على شيخه بأنه: إنما يقال ذلك حيث يطوى ذكر الفاعل، وما في البيت ليس كذلك، على أن ما يقال إنما يقوي وجه القلب، لدخول الباء فيه على الأصابع. والناس: اسم جمع لإنسان، أصله أناس حذفت همزته تخفيفاً. وفي القاموس: الناس يكون من الإنس، ومن الجن. والقبيلة: واحدة قبائل العرب، وهي الطبقة الثانية من الطبقات الست التي عليها العرب، وهي الشعب بالفتح، والقبيلة، والعمارة، والبطن، والفخذ، والفصيلة. فالشعب يجمع القبائل، وهي تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن يجمع الأفخاذ، والفخذ يجمع الفصائل. وإنما قيل لها قبيلة أخذاً من قبيلة الرأس وقبائله: القطع المشعوب بعضها إلى بعض، وذلك لتقابلها، وتناظرها في الشعب، كما قيل له شعب لتشعب القبائل إليه ومنه. وكليب، بالتصغير: أبو قبيلة جرير، وهو كليب بن يربوع بن حنظلة. ورد عليه جرير في مناقضته بميل هذا البيت، فقال: إذا قيل أي الناس شر قبيلة *** وأعظم عاراً قيل: تلك مجاشع وقبيلة في البيتين بالنصب على التمييز. وتقدمت ترجمة الفرزدق في الشاهد الثلاثين. وأنشد بعده: الوافر تمرون الديار ولم تعوجوا على أن حذف الجار منه على سبيل الشذوذ، والجار المحذوف إما الباء، وإما على، فإن المرور يتعدى بهما. قال ابن هشام في المغني: وعن الأخفش في مررت بزيد، أن المعنى مررت على زيد، بدليل: لتمرون عليهم. وأقول: إن كلاً من الإلصاق والاستعلاء إنما يكون حقيقاً إذا كان مقضياً إلى نفس المجرور، كأمسكت بزيد، وصعدت على السطح. فإن أفضى إلى ما يقرب منه، فمجازي كمررت بزيد، في تأويل الجماعة، أي ألصقت مروري بمكان يقرب منه. وكقوله: الطويل وبات على النار الندى والمحلق فإذا استوى التقديران في المجازية فالأكثر استعمالاً أولى بالتخريج عليه، كمررت به، ومررت عليه، وإن كان قد جاء كما في: لتمرون عليهم ، يمرون عليها . ولقد أمر على اللئيم يسبني إلا أن مررت به أكثر، فكان أولى بتقديره أصلاً. ويتخرج على هذا الخلاف خلاف في المقدر في قوله: تمرون الديار ولم تعوجوا أهو الباء، وعلى. اه؟. يعني: فمن ساوى بين التقديرين، قدر أيهما شاء، لصحة المعنى بهما. ومن رجح الباء لكثرة الاستعمال قدرها، لأنه متى أمكن المصير إلى الأصل، لم يتجاوز عنه. وعد ابن عصفور حذف الجار، وإيصال الفعل إليه ضرورة. والصحيح ما ذهب إليه الشارح المحقق، بدليل ما أورده من الآيات. وقول الشارح المحقق: والأخفش الأصغر يجيز حذف الجار مع غيرهما أيضاً قياساً إذا تعين الجار، أي: مع غير أن وأن. والأخفش الأصغر هو تلميذ أبي العباس، وهو أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش. وليس ما نسبه إليه مذهبه، وإنما مذهبه أن يكون الفعل متعدياً بنفسه إلى مفعول واحد، وإلى آخر بحرف جر، فحينئذ يجوز حذفه. وهذا كلامه فيما كتبه على كامل المبرد، قال: فأما قوله: الطويل وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني فإنما يريد: لقضى علي الموت، كما قال الله تعالى: {فلما قضينا عليه الموت فالموت في النية، وهو معلوم بمنزلة ما نطقت به. ومثله: واختار موسى قومه . أي: لقومه. وكذلك قوله تعالى: {وإذا كالوهم ووزنوهم يخسرون والمعنى: إذا كالوا لهم، ووزنوا لهم، أي: كالوا لهم الشيء، ووزنوه لهم. والمكيل والموزون معلوم بمنزلة ما ذكر في اللفظ. ولا يجوز مررت زيداً، وأنت تريد بزيد، لأنه لا يتعدى إلا بحرف، وذلك أنه فعل الفاعل في نفسه، وليس فيه دليل على مفعول، وليس هذا بمنزلة ما يتعدى إلى مفعولين، فيتعدى إلى أحدهما بحرف الجر، وإلى الآخر بنفسه، لأن قولك: اخترت الرجال زيداً، قد علم بذكرك زيداً أن حرف الجر محذوف من الأول. فأما قول جرير وإنشاد أهل الكوفة له، وهو قوله: تمرون الديار ولم تعوجو *** كلامكم علي إذاً حرام ورواية بعضهم له: أتمضون الديار ولم تحيا فليستا بشيء، لما ذكرت لك. والسماع الصحيح والقياس المطرد لا تعترض عليه الرواية الشاذة. أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد، قال: قرأت على عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير: مررتم بالديار ولم تعوجوا فهذا يدلك على أن الرواية مغيرة. اه؟. والبيت من قصيدة لجرير هجا بها الأخطل النصراني. وهذا مطلعها: متى كان الخيام بذي طلوح *** سقيت الغيث أيتها الخيام تنكر من معالمها ومالت *** دعائمها وقد بلي الثمام أقول لصحبتي لما ارتحلن *** ودمع العين منهمر سجام تمرون الديار ولم تعوجو *** كلامكم علي إذاً حرام ومنها: لقد ولد الأخيطل أم سوء *** على باب استها صلب وشام قوله: متى كان الخيام.... إلخ. أورد ابن هشام عجزه في المغني على أنه قد تولدت واو من إشباع ضمة الميم. والخيمة عند العرب: كل بيت يبنى من عيدان الشجر. وذو طلوح بمهملتين: مكان. والطلح: شجر عظيم له شوك. والمعالم: جمع معلم كمقعد: مظنة الشيء، وما يستدل به. والدعامة بالكسر: عماد البيت. والثمام بضم المثلثة: نبت ضعيف له خوص ربما حشي به الوسائد، ويسد به خصاص البيوت. والمنهمر: المنسكب. والسجام، بالكسر: مصدر سجم الدمع، إذا سال. وقوله: ولم تعوجوا يقال: عاج رأس البعير، إذا عطفه بالزمام. وكلامكم مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، الفاعل محذوف، أي: كلامي إياكم. وحرام: خيره، وعلي متعلق بالخبر. وقوله: لقد ولد الأخيطل أورده صاحب الكشاف، شاهداً لقراءة إبراهيم النخعي: ولم يكن له صاحبة بالمثناة التحتية، على أنه لم يؤنث الفعل المسند إلى المؤنث الحقيقي للفصل. والأخيطل: مصغر الأخطل صغره تحقيراً له. والصلب: جمع صليب. وشام: جمع شامة، وهي العلامة. يريد أن أمه فعلت فعل الموشمات، نقشت صورة الصليب في ذلك الموضع. وفي القاموس أن الأخطل كان يلقب بذي صليب. والشام: النقوش. وفي بعض حواشي المفصل: صلب وشام: نبتان، يصفها بخشونة ذلك الموضع. وترجمة جرير تقدمت في الشاهد الرابع من أول الكتاب. وأنشد بعده: وهو من شواهد سيبويه: الطويل. ومنا الذي اختير الرجال سماحة على أن الرجال منصوب بنزع الخافض، والأصل: من الرجال، وهو المفعول الثاني المقيد بحرف الجر لاختار، فإنه يتعدى إلى الأول بنفسه، وإلى الثاني بحرف الجر. والمفعول الأول هنا نائب الفاعل، وهو الضمير العائد إلى الذي في اختير. وهذا الحذف كثير الاستعمال، ولهذا قال الشارح المحقق: وكذا يحذف من المفعول الثاني. والإشارة لقوله سابقاً. وأما كثرة الاستعمال، قال سيبويه في باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين: إن شئت اقتصرت على المفعول الأول، وإن شئت تعدى إلى الثاني، ومن ذلك: اخترت الرجال عبد الله. ومثل ذلك قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً ، وسميته زيداً. ومنه قول الشاعر: البسيط أستغفر الله ذنباً لست محصيه وقال عمرو بن معد يكرب: البسيط أمرتك الخير فافعل ما أمرت به وهذه أفعال توصل بحروف الإضافة، فتقول: اخترت من الرجال، وسميته بفلان، كما تقول: عرفته بهذه العلامة، وأستغفر الله من ذلك. فلما حذفوا حرف الجر عمل الفعل. وليس أستغفر الله ذنباً، وأمرتك الخير أكثر في كلامهم جميعاً، وإنما يتكلم به بعضهم. فهذه الحروف كان أصلها في الاستعمال أن توصل بحروف الإضافة. ومنه قول الفرزدق: منا الذي اختير الرجال سماحة *** وجوداً إذا هب الرياح الزعازع والبيت مطلع قصيدة للفرزدق تقدم أبيات منها قبل هذا بشاهد. قال صاحب المصباح: سمح بكذا يسمح، بفتحتين، سموحاً وسماحاً وسماحة: جاد وأعطى، ووافق على ما أريد منه. والجود: الكرم. وروى بدله: وخيراً بكسر المعجمة، وهو الكرم. والزعازع: جمع زعزع كجعفر، وهي الريح التي تهب بشدة. وعنى بذلك الشتاء، وفيه تقل الألبان، وتعدم الأزواد، ويبخل الجواد. فيقول: هو جواد في مثل هذا الوقت الذي يقل فيه الجود. وسماحة وجوداً مصدران منصوبان على المفعول لأجله، كأنه قيل: اختير من الرجال لسماحته وجوده. ويجوز أن يكونا تمييزين وحالين، أي: سمحاً وجواداً. قاله ابن خلف ولم يذكر ابن المستوفي غير الأخيرين. وقال ابن السيد في أبيات المعاني: ونصب سماحة على المصدر مما دل عليه اختبر، لأنه لا يختار إلا الكرام. وأرد بقوله: ومنا الذي اختير، أباه غالباً، وكان جواداً. وأنشد بعده: الطويل خرجت إلى إقطاعه في ثيابه *** على طرفه من داره بحسامه على أنه يجوز أن يجتمع على فعل واحد عدة من حروف الجر إذا كانت مختلفة، فإن الفعل الواحد قد يتعدى بعدة من حروف الجر على مقدار المعنى المراد من وقوع الفعل، لأن هذه المعاني كامنة في الفعل، وإنما يظهرها حروف الجر، فإنك إذا قلت: خرجت فأردت أن تبين ابتداء خروجك، قلت: خرجت من الدار. فإن أردت أن تبين انتهاءه، قلت: إلى المسجد: وإن أردت أن تبين ظرفه، قلت: في ثيابي. وإن أردت أن تبين أنه مقارن للاستعلاء، قلت: على الفرس. وإن أردت أن تبين الملابسة والصحبة، قلت: بحسامي. ويجوز أن يكون بعض هذه المجرورات في موضع الحال. وهذا البيت يوجد في بعض النسخ قبل قوله: وإلى اثنين كأعطى وعلم، بسطر، بعد قوله: خرجت من الكوفة إلى البصرة لإكرامك. والبيت من مقطوعة عدتها ستة أبيات، للمتنبي، قالها ودع سيف الدولة ابن حمدان، وأراد التوجه إلى إقطاعه التي أقطعه إياها. قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: السبعين هو بلفظ العدد: قرية بباب حلب كانت إقطاعاً للمتنبي من سيف الدولة. وإياها عنى بقوله: أسير إلى إقطاعه ... *** البيت وأوله الثابت في جميع نسخ ديوانه، هو كما أنشده ياقوت بلفظ: أسير. والأبيات هذه وشرحها للواحدي: أيا رامياً يصمي فؤاد مرامه *** تربي عداه ريشها لسهامه الإصماء: إصابة المقتل في الرمي. والمعنى أنه إذا طلب شيئاً أصاب خالص ما طلبه، كالرامي يصيب فؤاد ما يطلبه برميه. وقوله: تربي عداه، مثل، وذلك أن السهام إنما تنفذ بريشها، وأعداؤه يجمعون العدد والأموال له، لأنه يأخذها، فيتقوى بها على قتالهم، فكأنهم يربون الريش لسهامه، حيث يجمعون المال له. فالريش مثل الأموال، والسهام مثل له. أسير إلى إقطاعه في ثيابه البيت يريد أن جميع ما يتصرف فيه من ضروب مملوكاته إنما هو من جهته وإنعامه. وكأن هذا تفصيل ما أجمله النابغة في قوله: الوافر وما أغفلت شكري فانتصحني *** وكيف ومن عطائك جل مالي وقد فصله النابغة أيضاً، فقال: الطويل وإن تلادي إن نظرت وشكتي *** ومهري وما ضمت إليه الأنامل حباؤك والعيس العتاق كأنه *** هجان المها تردي عليها الرحائل وهذا كما قال أبو نواس: الرجز وكل خير عندنا من خيره وما مطر تنيه من البيض والقن *** وروم العبدى هاطلات غمامه الروم: جمع رومي، كما يقال: زنج وزنجي. والعبدى: العبيد. يعني وما أنعم علي من أنواع نعمه، من الأسلحة والعبيد الرومية. فتى يهب الإقليم بالمال والقرى *** ومن فيه من فرسانه وكرامه ويجعل ما خولته من نواله *** جزاء لما خولته من كلامه أي: يجازيني بنواله، إذا مدحته، بما استفدته من الأدب من كلامه. فلا زالت الشمس التي في سمائه *** مطالعة الشمس التي في لثامه أي: لا زالت شمس السماء تطالع وجهه الذي هو كالشمس. وأضاف السماء إليه مبالغة في المدح، كما قال الفرزدق: الطويل لنا قمراها والنجوم الطوالع وقال ابن جني: أضف السماء إليه لإشرافها عليه، كما قال الآخر: الطويل إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة *** سهيل أذاعت غزلها في القرائب أضاف الكوكب إليها لجدها في عملها عند طلوعه. تم الجزء الثالث ويله الجزء الرابع، أوله أفعال القلوب. أنشد فيها، الوافر تعلم أن بعد الغي رشداً على أن تعلم التي بمعنى اعلم أمراً، لا تنصب المفعولين، بل ترد الاسمية مصدرة بأن، السادة مع معموليها مسد المفعولين. ويقل نصبها للمفعولين، كقول زياد بن سيار الجاهلي: الطويل تعلم شفاء النفس قهر عدوه *** فبالغ بلطف في التحيل والمكر وهذا المصراع من قصيدة طويلة جداً للقطامي. وقبله: وأما يوم قلت لعبد قيس *** كلاماً لا أريد به خداعا تعلم أن بعد الغي رشد *** وأن لهذه الغبر انقشاعا ولو تستخبر العلماء عن *** ومن شهد الملاحم والوقاعا يتغلب في الحروب ألم يكونو *** أشد قبائل العرب امتناعا وتقدم في الشاهد الثالث والأربعين بعد المائة، ما تقدم من أول القصيدة إلى هذه الأبيات مع ترجمته. وتقدم أيضاً إيراد أبيات بعد هذه الأبيات في الشاهد التاسع والتسعين بعد الخمسمائة. وقوله: وأما يوم قلت لعبد قيس، هو أخو القطامي. وقوله: تعلم أن بعد الغي.... إلخ، الغبر: جمع غبرة، وهي القتمة، يريد ما أظل من الأمور الشداد المظلمة. والانقشاع: الانكشاف. وأورد اللبلي المصراع الثاني في شرح الفصيح: الانكشاف. وأورد اللبلي المصراع الثاني في شرح الفصيح برواية: وأن لتالك الغبر انقشاعاً وقال: تالك، بكسر اللام، لغة في تلك، في الإشارة إلى المؤنثة البعيدة. ويريد القطامي بهذا تسلية أخيه، فإن بني أسد كانوا أوقعوا ببني تغلب في نواحي الجزيرة، والقطامي منهم، فأسره بنو أسد، وأرادوا قتله، فحال زفر بن الحارث الكلابي بينه وبينهم، وحماه وكساه، وأعطاه مائة ناقة كما تقدم. وقوله: ولو تستخبر العلماء.... إلخ، هو بالبناء للمفعول. والملاحم: جمع ملحمة، وهي موضع الحرب. والوقاع: المواقعة. وقوله: بتغلب، أي: عن تغلب، كقوله: البسيط واسأل بمصقلة البكري ما فعلا أي: عن مصقلة. وتغلب: قبيلة القطامي، وهو تغلب بن وائل. ثم أخذ بعد هذا يذكر مآثر قومه في الجاهلية. وأنشد بعده: المنسرح الله موف للناس ما زعما على أن زعم قد يستعمل في التحقيق. رأيت في شرح الكتاب للسيرافي: الزعم قول يقترن به اعتقاد، وقد يصح ذلك، ولا يصح. فأما قول الجعدي: تودي قم واركبن بأهلك *** ن الله موف للناس ما زعما فقيل: الزعم هاهنا بمعنى القول، وقيل: بمعنى الضمان. ومنه قول عمرو بن شأس: الطويل تقول هلكنا إن هلكت وإنم *** على الله أرزاق العباد كما زعم قيل معناه كما ضمن، وقيل كما قال. وشاهد الزعم بمعنى القول، قول أبي زبيد: البسيط يا لهف نفسي إن كان الذي زعمو *** حقاً وماذا يرد اليوم تلهيفي أي: الذي قالوه. وذلك أنه سمع من يقول: حمل عثمان على النعش إلى قبره. وهذا ليس فيه معنى ظن ولا ضمان. اه؟. وقال ابن بري في حاشية الصحاح: الزعم، يأتي في كلام العرب على أربعة أوجه: يكون بمعنى الكفالة والضمان، شاهد قول عمر بن أبي ربيعة: الرمل قلت: كفي لك رهن بالرض *** وزعمي يا هند قالت: قد وجب وقال النابغة يصف نوحاً: نودي قم واركبن بأهلك ... البيت زعم هنا فسر بمعنى ضمن، وبمعنى قال، وبمعنى وعد. ويكون بمعنى الوعد، قال عمرو بن شأس: الطويل وعاذلة تخشى الردى أن يصيبني *** تروح وتغدو بالملامة والقسم تقول هلكنا إن هلكت ***.. البيت زعم هنا بمعنى وعد، وبمعنى قال. ويكون بمعنى القول والذكر. قال أبو زبيد الطائي: يا لهف نفسي إن كان الذي زعمو ... *** البيت المعنى: إن كان الذي قالوه حقاً، لأنه سمع من يقول: حمل عثمان على النعش إلى قبره. وقال المثقب العبدي: الرمل وكلام سيئ قد وقرت *** أذني عنه وما بي من صمم فتصاممت لكي ما لا يرى *** جاهل أني كما كان زعم ويكون بمعنى الظن، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: الطويل. فذق هجرها إن كنت تزعم أنه *** رشاد ألا يا ربما كذب الزعم فهذا البيت لا يحتمل سوى الظن، وبيت عمر لا يحتمل سوى الضمان، وبيت أبي زبيد لا يحتمل سوى القول، وما سوى ذلك على ما فسر. وبيت النابغة روي لأمية بن أبي الصلت، وبيت عمرو بن شأس روي لمضرس. اه؟. وما أورده الشارح قطعة من قوله: نودي قم واركبن بأهلك *** ن الله البيت وزعم فيه على ما فسروه متعد إلى مفعول واحد، وهو الضمير المحذوف العائد إلى ما الموصولة. والبيت من قصيدة للنابغة الجعدي الصحابي، أولها: الحمد لله لا شريك له *** من لم يقلها فنفسه ظلما فالألف في قوله: زعما للإطلاق. قال ابن خالويه في كتاب ليس: قال بعض المفسرين: إن الزعم زاملة الكذب. وليس في كلام العرب وأشعارهم زعم محموداً إلا في بيتين، قال أمية بن أبي الصلت، وقيل للنابغة الجعدي، في قصيدة أولها: نودي قم واركبن ..... البيت فهذا على الحق. وسمعت الزاهد يقول: زعم في هذا البيت بمعنى قال، ووعد، كما يقال: زعم الشافعي، أي: قال. اه؟. والقصيدة التي هي لأمية بن أبي الصلت طويلة، ذكر فيها صنع الله وعظم قدرته. وقبله: عرفت أن لن يفوت الله ذو قدم *** وأنه من أمير السوء ينتقم المسبح الخشب فوق الماء سخره *** خلال جريتها كأنها عوم تجري سفينة نوح في جوانبه *** بكل موج مع الأرواح تقتحم نودي قم واركبن بأهلك *** ن الله موف للناس ما زعموا مشحونة ودخان الموج يرفعه *** ملأى وقد صرعت من حولها الأمم حتى تسوت على الجودي راسية *** بكل ما استودعت كأنها أطم قال شارح ديوانه: يقال: سبح الرجل وأسبحه الله. والعوم: جمع العومة، كأنها حية تكون بعمان. والعامة: شبه الطوف إلا أنه أصغر منه، يركب فيه البحر. في جوانبه: جوانب الماء. ومشحونة: مملوءة، يقال: اشحن سفينتك، أي: املأها. والجودي فيها سوق يقال له: سوق الثمانين، لثمانين رجلاً كانوا مع نوح في السفينة. والأطم بضمتين: القصر، والجمع آطام. وترجمة أمية تقدمت في الشاهد السادس والثلاثين. قال ابن خالويه: وقصدية النابغة: يا مالك الأرض والسماء ومن *** يفرق من الله لا يخف أثما إنني امرؤ قد ظلمت نفسي و*** لا تعف عني أغلى دماً كثما أطرح بالكافرين في الدرك *** لأسفل يا رب أصطلي الضرما يا أيها الناس هل ترون إلى *** فارس بادت وخر من دعما أمسوا عبيداً يرعون شاءكم *** كأنما كان ملكهم حلما وسبا الحاضرين مأرب إذ *** يبنون من دون سيله العرما وأنشد بعده: الكامل ولقد نزلت فلا تظني غيره *** مني بمنزلة المحب المكرم على أن ظن يقل فيها نصب المفعول الواحد، فإن معناه هنا لا تظني شيئاً غير نزولك. وصحة هذا المعنى لا تقتضي تقدير مفعول آخر. وفيه رد للنحويين، فإنهم قالوا: المفعول الثاني لظن محذوف اختصاراً لا اقتصاراً. وبه استشهد شراح الألفية، وقالوا: تقديره: فلا تظني غيره واقعاً، وحقاً. وجملة: فلا تظني غيره، معترضة بين نزلت، وبين متعلقة، وهو مني. وهذا البيت من معلقة عنترة، وتقدم شرحه في الشاهد الموفي المائتين. وأنشد بعده: الطويل بأي كتاب أم بأية سنة *** ترى حبهم غاراً علي وتحسب على أنه قد حذف مفعولا تحسب للقرينة، والتقدير: وتحسب حبهم عاراً علي. قال ابن جني في إعراب الحماسة عند قول حكيم بن قبيصة: الطويل فلما جنة الفردوس هاجرت تبتغي *** ولكن دعاك الخبز أحسب والتمر نصب جنة الفردوس بتبتغي، وهي حال من التاء في هاجرت. وجاز تقديم ما انتصب بتبتغي لجواز تقديم الفعل نفسه، حتى كأنه قال: فما مبتغياً جنة الفردوس هاجرت، على حد قوله تعالى: {خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث . ولم يعمل أحسب على اللفظ، وأراد مفعوليها فحذفهما، كبيت الكميت: بأي كتاب ...... البيت أي: وتحسب ذاك كذلك. ولا يحسن أن تجعلها هنا لغواً، من قبل أنها لم تقع بين المبتدأ وخبره ولا بعدهما، نحو: زيد قائم أحسب، وإنما كان اعتبار عمله وإلغائها هناك، لأنها لو كانت عاملة لعملت فيهما، وأما هاهنا فلا سبيل إلى الخبز والتمر ونحوهما. اه؟. وقوله: بأي كتاب متعلق بقوله ترى. والبيت من قصيدة طويلة للكميت بن زيد الأسدي، مدح بها آل النبي صلى الله عليه وسلم. وبعده: إذا الخيل واراها العجاج وتحته *** غبار أثارته السنابك أصهب فما لي إلا آل أحمد شيعة *** وما لي إلا مشعب الحق مشعب واراها: غطاها. والمشعب: الطريق. وتقدمت مع ترجمته في الشاهد الثاني بعد الثلثمائة. وأنشد بعده: الخفيف لا تخلنا على غرائك إن *** طالما قد وشى بنا الأعداء على أنه قد حذف المفعول الثاني من تخلنا، وتقديره، كما قال الشارح المحقق: لا تخلنا أذلة على إغرائك الملك بنا. والبيت من معلقة ابن حلزة، تقدم شرحه مع ترجمته، في الشاهد الثامن والأربعين من أوائل الكتاب. وأنشد بعده: البسيط كذاك أدبت حتى صار من خلقي *** إني وجدت ملاك الشيمة الأدب على أن وجدت قد ألغي عن العمل مع تقدمه، وهو ضعيف وقبيح. وخرجه الشارح المحقق تبعاً لسيبويه على تقدير لام الابتداء، وعلى تقدير ضمير الشأن تبعاً لابن جني، فتكون وجد عاملة على التقديرين. أما على الأول فتكون معلقة عن العمل في اللفظ بلام الابتداء المقدرة، ويكون ما بعدها من المبتدأ والخير في محل نصب على أنهما سادان مسد مفعولي وجد. وأما على الثاني فيكون ضمير الشأن المحذوف هو المفعول الأول، والجملة بعده في محل المفعول الثاني. قال ابن جني في إعراب الحماسة: أراد: وجدته ملاك الشيمة الأدب، كقولك: ظننته زيد منطلق، أي: ظننت الأمر، والشأن زيد منطلق، إلا أنه حذف الضمير في وجدت للضرورة، كما حذف أيضاً في بيت الكتاب: الخفيف إن من لام في بني بنت حسن.. البيت أراد: إنه من لام. ألا ترى أن من هنا شرط، فلا ينصبها ما قبلها كالاستفهام. وعلى هذا تقول: ظننت أبوك أخوك، أي: ظننته. فاعرفه. اه؟. والفرق بين الإلغاء والتعليق أن الأول: إبطال العمل لفظاً ومحلاً، والثاني: إبطاله لفظاً لا محلاً لمجيء ما له صدر الكلام. وكأن العيني لم يفرق بينهما، لقوله: ألغي عمل وجدت لكون لام الابتداء مقدرة، والصواب علق وجدت عن العمل لفظاً، لكون لام الابتداء مقدرة. ولا يخفى أن هذا التخريج على كلام ابن جني يكون من باب غسل الدم بالدم. والصحيح أن حذف ضمير الشأن لا يختص بالشعر. ومنه الحديث: إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ، وحكاية الخيل: إن بك زيد مأخوذ. ولم يورد ابن عصفور هذا في كتاب الضرائر. والبيت أورده أبو تمام في الحماسة مع بيت قبله، ونسبه إلى بعض الفزاريين، وهو: أكنيه حين أناديه لأكرمه *** ولا ألقبه والسوءة اللقب لكن روايته بنصب القافيتين، ولا تحتاج إلى ما ذكر من التوجيه ويكون اللقب على روايته مفعول ألقبه. والسوءة منصوبة أيضاً. قال ابن جني: نصب السوءة لأنه جعلها مفعولاً معه، أي: لا ألقبه مع السوءة اللقبا، مقترناً بالسوءة. ألا ترى أنك تجد هذا المعنى في المفعول معه، تقول: قمت وزيداً، فتجد معناه قمت مقترناً بزيد. اه؟. قال ابن الناظم؛ تقديم المفعول معه على مصحوبه، اتفق الجمهور على منعه، وأجازه أبو الفتح في الخصائص واستدل بقوله: الطويل جمعت وفحشاً غيبة ونميمة وقول الآخر: ولا ألقبه والسوءة اللقبا على رواية نصب السوءة واللقب، أراد: ولا ألقبه اللقب والسوءة، أي: مع السوءة، لأن من اللقب ما يكون لغير سوءة، كتلقيب الصديق عتيقاً لعتاقة وجهه، فلهذا قال الشاعر: ولا ألقبه اللقب مع السوءة، أي: إن لقبته لقبته بغير سوءة. قال الشيخ - يعني والده - ولا حجة لابن جني في البيتين، لإمكان جعل الواو فيهما عاطفة قدمت هي ومعطوفها، وذلك في البيت الأول ظاهر، وأما في البيت الثاني فعلى أن يكون أصله ولا ألقبه اللقب وأسوؤه السوءة، ثم حذف ناصب السوءة، كما حذف ناصب العيون من قوله: الوافر فزججن الحواجب والعيونا ثم قدم العاطف ومعمول الفعل المحذوف. اه؟. وأما على رواية رفع القافية، فالسوءة مرفوعة على الابتداء واللقب الخبر، والجملة حال من الهاء. والسوءة بالفتح: اللفظة القبيحة. وقال العيني على رواية نصب القافيتين: ويجوز أن يكون انتصاب السوءة على المعنى، يعمل فيه معنى لا ألقبه، فيكون على هذا من باب: مجزوء الكامل يا ليت بعلك قد غد *** متقلداً سيفاً ورمحا وإن رفع فارتفاعه يجوز أن يكون بالابتداء، ويكون الخبر مضمراً، كأنه قال: والسوءة ذاك. يعني إن لقبته والفحش فيه. ويجوز أن يكون مبتدأ، وخبره اللقبا، يكون مصدراً كالجمزى. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: لا ألقبه اللقبا، وهو السوءة. اه؟. وهذه الاحتمالات لا فائدة فيها سوى تسويد الورق. على أن اللقبا بالألف مقصوراً غير موجود. وقوله: أكنيه حين أناديه العرب إذا أرادت تعظيم المخاطب خاطبته بالكنية، وعدلت عن التصريح باسمه. وصف الشاعر نفسه بحسن العشرة مع صاحبه. وقوله: كذاك أدبت هو بالبناء للمفعول، والكاف هنا اسم مفعول مطلق، أي: أدبت تأديباً مثل ذلك، والإشارة إلى البيت الأول. وحتى ابتدائية كقوله تعالى: {حتى عفوا ، واسم صار الضمير المستتر فيها العائد إلى الأدب المفهوم من أدبت. ومن خلقي خبر صار. وقوله: إني وجدت بكسر الهمزة استئناف، أرسله مثلاً. وقال العيني: الكاف للتشبيه، أي: كمثل الأدب المذكور. وحتى للغاية بمعنى إلى. ومن، متعلق بصار. وقوله: أني وجدت بفتح الهمزة فاعل صار. هذا كلامه، وفيه خلل من وجوه. قال الجوهري: ملاك الأمر وملاكه، أي: بالكسر والفتح: ما يقوم به. والشيمة، بالكسر: الخلق. والأدب الذي تعرفه العرب، هو ما يحسن من الأخلاق، وفعل المكارم، مثل ترك السفه، وبذلك المجهود، وحسن اللقاء. والنصب والرفع في قافيتي البيتين رواهما ابن جني والطبرسي، من شراح الحماسة. وأنشد بعده: البسيط أرجو وآمل أن تدنو مودته *** وما إخال لدينا منك تنويل على أنه قد ألفى إخال عن العمل مع تقدمه. وقال ابن هشام في شرح بانت سعاد: وجه إلغاء إخال هنا عدم تصدرها، فإن حرف النفي لما تقدمها أزال عنها التصدر المحض، فسهل إلغاءها، كما سهل إلغاء ظننت تقدم متى وإني في: متى ظننت زيد منطلق، وقول الحماسي: إني وجدت ملاك الشيمة الأدب ويكون الإلغاء على تقدير حرف النفي داخلاً على الجملة الاسمية، وتقدير إخال معترضاً بينهما. اه؟. ويجوز أن يخرج أيضاً كالذي قبله إما على تقدير لام الابتداء، وعلى تقدير ضمير الشأن، فيكون على الأول معلقاً عن العمل في اللفظ، ويكون جملة: لدينا منك تنويل في موضع المفعولين. وعلى الثاني تكون عاملة لفظاً، ويكون مفعولها ضمير الشأن المحذوف، أي: ما إخاله، وجملة: لدينا منك تنويل في موضع المفعول الثاني. وقد تقدم الفرق بين الإلغاء والتعليق. ويظهر كون التعليق هو العمل في محل الجملة من عطف شيء على الجملة المعلقة، فإنه يعرب بإعرابها المحلي، كقول كثير: الطويل وما كنت أدري قبل عزة ما البك *** ولا موجعات القلب حتى تولت فعطف موجعات بالنصب على محل ما البكا، وهذا على تقدير اسمية ما. فإن كانت حرفاً زائداً فأدري بمعنى أعرف، والبكا: مفعوله، ولا يكون مما نحن فيه. قال ابن هشام في المغني: رأيت بخط الإمام بهاء الدين بن النحاس: أقمت مدة أقول: القياس جواز العطف على محل الجملة المعلق عنها بالنصب. ثم رأيته منصوصاً. اه؟. وممن نص عليه ابن مالك، ولا وجه للتوقف فيه مع قولهم إن المعلق عامل في المحل. اه؟. وخرجها ابن إياز على الإعمال من غير تعليق بتكلف، يجعل ما موصولة اسمية. حكاه عنه أحمد بن محمد بن الحداد البجلي البغدادي في شرح قصيدة بانت سعاد، وكان تاريخ شرحه في بغداد سنة أربع وعشرين وسبعمائة. قال في شرحه: وقال ابن إياز الرومي: يجوز فيه وجه آخر، وهو أن تكون ما موصولة، وموضعها رفع بالابتداء، ومفعول إخال الأول محذوف، وهو العائد إلى ما، ومنك المفعول الثاني، وتنويل: خبر المبتدأ. انتهى كلامه. قلت: ولدينا في هذا الوجه، والذي قبله، وهو تقدير ضمير الشأن: ظرف لأخال. ومعنى البيت على هذا الوجه: إن الذي أظنه وإخاله من وصالها المقدر يجري عندي مجرى الوصل المحقق، من فرط المحبة. وقد أبان التهامي عن هذا المعنى، فبالغ وأحسن بقوله: البسيط أهتز عند تمني وصلها طرب *** ورب أمنية أحلى من الظفر وابن الخياط الدمشقي عكس هذا المعنى ورده على معتقده، بقوله: الوافر أمني النفس وصلاً من سعاد *** وأين من المنى درك المراد وهذا قول من لا يقنع بدون الوصال، ولا يسوف نفسه بالمحال. وأين هو من قناعة الآخر بالنير، حين بالغ بقوله: الطويل ألست أرى النجم الذي هو طالع *** عليها وهذا للمحبين مقنع انتهى كلام البغدادي. وهذا البيت من قصيدة بانت سعاد المشهورة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أورد الشارح بيتاً آخر منها في حروف الشرط في أواخر الكتاب. وقد اعتنى بشرحها أجلة العلماء، والذي يحضرني من شروحها الآن شرح أبي العباس الأحول مع شرح جميع ديوانه، وهو عني بخطه. وشرح أبي عبد الله نفطويه النحوي. وشرح أبي بكر بن الأنباري، وهو شرح صغير قليل الجدوى. وشرح البغدادي المذكور، وشرح ابن هشم الأنصاري، وهما أجل الشروح. لكن شرح البغدادي أكثر استنباطاً لمعاني الشعر، وأدق تفتيشاً للمزايا والنكت. وشرح ابن هشم أوعى منه للمسائل النحوية، وتفسير الألفاظ اللغوية، وكل منهما في حجم الآخر، وعصر تأليفهما متقارب. وهذا البيت لم يرد في رواية نفطويه، ورواه أبو العباس الأحول كذا. أرجو وآمل أن يعجلن في أبد *** وما لهن طوال الدهر تعجيل وعليه لا شاهد فيه. قال الأحول: في أبد: في دهر. ويروى: وما لنا عندهن اليوم تعجيل أي: لا يعجلن وصلنا في الرواية الأولى. يقول: آمل وأرجو، وما أظن ذلك يكون أبداً. انتهى كلامه. وضبط بخطه يعجلن بفتح الياء والجيم، على أنه مبني للفاعل. وطوال بفتح الطاء على أنه ظرف بمعنى طول الدهر، ولكن لم يتقدم لضمير جمع المؤنث مرجع. فإن قلنا: إن المرجع سعاد، وإن جمع الضمير للتعظيم، ورد أن إرجاع ضمير الجمع إلى الواحد إنما هو في التكلم والخطاب، وقد ورد تعظيم الغائب قليلاً. قال البيضاوي، في تفسير قوله تعالى: {من فرعون وملئهم من سورة يونس: والضمير لفرعون، وجمعه على ما هو المعتاد في ضمير العظماء. لكن استشكله شراحه. قال سعدي: أي قدر لفرعون عند لله حتى يعبر عنه بصيغة التعظيم. نعم لو كن هذا من كلام من يعظم فرعون لكان له وجه. وكذا قال الكازروني. وأورد البغدادي هذه الرواية، وقال: الضمير في يعجلن، ولهن لمواعيدها في البيت الذي قبله، وهو: كانت مواعيد عرقوب لها مثل *** وما مواعيدها إلا الأباطيل ويعجلن من العجلة، وهو خلاف البطء، يقال: عاجله، وأعجله، إذا سبقه. وعجل هو يعجل من باب فرح. والأبد: الدهر. يقول: أرجو أن تسبق مواعيدها، ويسرع إنجازها في دهر من الدهور، ولا يحصل ذلك. والرواية الأولى أشهر. اه؟. ورواه ابن سيد الناس في سيرته، تبعاً لسيرة ابن هشام: أرجو وآمل أن يعجلن في أمد *** وما لهن إخال الدهر تعجيل وقوله: أرجو وآمل إلخ ، أرجو مع فاعله المستتر جملة استئنافية، لا تعلق لها بما قبلها، وهو البيت الذي نقلناه. وآمل معطوف عله، وهو بمعناه، وحسن العطف لتغاير اللفظين، وعطف المترادفين لا يكون إلا بالواو. وقال البغدادي: وبعضهم فرق بينهما بأن الرجاء توقع حصول مطلوب في المستقبل مع خوف عدم وقوعه. والأمل: طلب حصول ما يغلب وقوعه في ظن الطالب لتعلقه به، وإن لم يقارنه خوف عدم الوقوع. وقال صاحب المصباح: أملته أملاً من باب طلب، وهو ضد اليأس. وأكثر ما يستعمل الأمل فيما يستبعد حصوله. قال: أرجو وآمل أن تدنو مودتها ومن عزم على سفر إلى بلد بعيد، يقول: أملت الوصل، ولا يقول: طمعت إلا إذا قرب منها، فإن الطمع لا يكون إلا فيما قرب حصوله. وقد يكون الأمل بمعنى الطمع. والرجاء بين الأمل والطمع، فإن الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأموله، فلهذا يستعمل بمعنى الخوف. فإن قوي الخوف استعمل استعمال الأمل، وعليه بيت كعب، وإلا استعمل بمعنى الطمع، فأنا آمل وهو مأمول. وأملته تأميلاً مبالغة وتكثير، وهو أكثر استعمالاً من المخفف. اه؟. وفي المجلس الثامن والخمسين من أمالي ابن الشجري البغدادي أنه استفتي عن مسائل، منها: هل يأمل، ومأمول، وما تصرف منها جائز؟ فأجاب عنها أولاً الحسن بن صافي المكنى أبا نزار، المتلقب بملك النحاة بأن أمل يأمل لا يجوز، لأن الفعل المضارع إذا كان على يفعل بضم العين، كان بابه أن ماضيه على فعل بفتح العين، وأمل لم أسمعه فعلاً ماضياً. فإن قيل: فقدر أن يأمل مضارع، ولم يأت ماضيه، كما أن يذر ويدع كذلك. قلت: قد علم أن يذر ويدع على هذا القضية قد جاءا شاذين، فلو كان معهما كلم أخرى شاذة، لنقلت نقلهما ولم يجز أن لا تنقل. وما سمعنا أن ذلك ملحق بما ذكرنا، فلا يجوز يأمل ولا مأمول، إلا أن يسمعني الثقة أمل خفيفة الميم. كتبه أبو نزار النحوي. قال ابن الشجري: وأجاب عنه الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد: وأما أمل يأمل، فهو آمل، والمفعول مأمول. فلا ريب في جوازه عند العلماء وقد حكاه الثقات، منهم الخليل وغيره، والشاهد عليه كثير. قال بعض المعمرين: مجزوء الكامل المرء يأمل أن يعي *** ش وطول عيش قد يضره وقال الآخر: المنسرح ها أنا ذا آمل الخلود وقد *** أدرك عقلي ومولدي حجرا وقال كعب بن زهير: والعفو عند رسول الله مأمول وقال المتنبي، وهو من العلماء بالعربية: حرموا الذي أملوا كتبه موهوب بن أحمد. وكتب على هامش الأمالي هنا أبو اليمن الكندي البغدادي: قد جاء أمل مخففاً ماضياً في شعر ذي الرمة، وهو قوله: الطويل إذا الصيف أجلى عن تشاء من النوى *** أملت اجتماع الحي في صيف قابل ولا غرو أن لا يحضر الشاهد للإنسان وقت طلبه. وهذا البيت ذكره أبو حنيفة الدينوري في كتابه في الأنواء، وذكره ابن جني في الخاطريات. وهو في ديوان ذي الرمة مشهور. اه؟. وأجاب ابن الشجري، بقوله: وأما قوله في أمل وآمل، أنهما لا يجوزان عنده، لأنه لم يسمع في الماضي منهما أمل خفيف الميم، فليت شعري ما الذي سمع من اللغة، ووعاه حتى أنكر أن يفوته هذا الحرف، وإنما ينكر مثل هذا من أنعم النظر في كتب اللغة كلها، ووقف على تركيب أ م ل في كتاب العين للخليل، وكتاب الجمهرة لابن دريد، والمجمل لابن فارس، وديوان الأدب للفارابي، وكتاب الصحاح للجوهري، وغير ذلك من كتاب اللغة. فإذا وقف على أمهات كتب هذا العلم التي استوعب كل كتاب منها اللغة، ومعظمها، فرأى أن هذا الحرف قد فات أولئك الأعيان، ثم سمع قول كعب بن زهير: والعفو عند رسول الله مأمول سلم لكعب وأذعن له صاغراً، فكيف يقول: من لم يتولج سمعه عشرة أسطر من هذه الكتب التي ذكرتها: لم أسمع أمل، ولم أسلم أن يقال: مأمول. وأما قوله: إنه لا يجوز يأمل ولا مأمول إلا أن يسمعني الثقة أمل، فقول من لم يعلم بأنهم قالوا: فقير، ولم يقولوا في ماضيه فقر، ولم يأت فعله إلا بالزيادة، أفتراه ينكر أن يقال: فقير، لأن الثقة لم يسمعه فقر؟! ولعله يجحد أن يكونوا نطقوا بفقير، وقد ورد به القرآن في قوله جل ثناؤه: إني لما أنزلت إلي من خير فقير . وهل إنكار فقير إلا كإنكار مأمول، بل إنكار فقير عنده أوجب، لأنهم لم يقولوا في ماضيه إلا افتقر، ومأمول قد نطقوا بماضيه بغير زيادة. انتهى كلام ابن الشجري. وقد نقل ابن هشام في شرح هذه القصيدة السؤال والجوابين باختصار، ثم قال: ومن الغريب أن هذين الإمامين لم يستدلاً على مجيء آمل بالبيتين في هذه القصيدة، أحدهما البيت الشاهد، وثانيهما قوله: وقال كل خليل كنت آمله بل تكلف ابن الجواليقي وأنشد قول شاعر آخر. وقول ابن الشجري إنه لم يسمع فقر اعتمد فيه على كلام سيبويه والأكثرين. وذكر ابن مالك أن جماعة من أئمة اللغة نقلوا مجيء فقُر وفَقِر بالضم والكسر، وأن قولهم في التعجب ما أفقره مبني على ذلك، وليس بشاذ كما زعموا. اه؟. وقوله: أن تدنو سكنت الواو للضرورة، وأهملت أن حملاً على ما المصدرية، وهي مع مدخولها في تأويل مفرد منصوب، تنازعه الفعلان، فأعمل الثاني، وحذف مفعول الأول، كما هو الأولى عند البصريين. ومودتها: فاعل تدنو، والضمير لسعاد. والمودة: مراعاة الصحبة. وقوله: وما إخال الواو للاستئناف، وكسر همزة إخال فصيح استعمالاً شاذ قياساً، وفتحها لغة أسد. وقوله: لدينا منك تنويل، قال البغدادي: تنويل مبتدأ، ولدينا خبره، ومنك: حال من تنويل، وكان صفته، فلما تقدمه صار حالاً منه. ومن، فيه لابتداء الغاية. ولدى ظرف مكان غير متمكن بمنزلة عند، لا يجر إلا بمن. وتنويل: تفعيل من النوال، وهو العطاء، وكأنه كنى به عن وصلها. وفي منك التفات من الغيبة إلى الخطاب. اه؟. وجوز ابن هشام ارتفاع تنويل بأحد الظرفين، لاعتماده على النفي، وتكون جملة إخال: معترضة، كقوله: المنسرح ما خلتني زلت بعدكم ضمناً ولم يبين ما موضع الظرف الآخر من الإعراب، وجوز أيضاً أن يكون كل منهما، وكلاهما خبراً عن تنويل، والمسوغ إما تقدم النفي، وتقدم الخبر. وإذا قدر الظرفان خبرين، قدر لكل منهما متعلق يخصه. وإذا قدر الخبر الأول فالظرف الثاني إما متعلق به، وبمتعلقه المحذوف على الخلاف المشهور في أن العمل للظرف وللاستقرار. وإما حال فيتعلق بمحذوف، وصاحب الحال إما الضمير المستتر في الظرف الأول، لأن الصحيح أن الظرف يتحمل ضميراً منتقلاً إليه من الاستقرار المحذوف. وإما نفس التنويل، وعامله على هذا الاستقرار المقدر لا الابتداء، لأن الحال إنما يعمل فيها الفعل وشبهه ومعناه. وإذا قدر الخبر الظرف الثاني، كان الظرف الأول متعلقاً به، وجاز تقديمه عليه للاتساع في الظرف. وكعب بن زهير صحابي تقدم نسبه في ترجمة والده في الشاهد الثامن والثلاثين بعد المائة. وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: كان كعب بن زهير شاعراً مجوداً، كثير الشعر، مقدماً في طبقته هو وأخوه بجير، وكعب أشعرهما، وأبوهما زهير فوقهما. قال خلف الأحمر: لولا قصائد لزهير ما فضلته على ابنه كعب. ولكعب ابن شاعر اسمه عقبة ولقبه المضرب، لأنه شبب بامرأة، فضربه أخوها بالسيف ضربات كثيرة، فلم يمت. وله ابن أيضاً يقال له العوام، شاعر. ومما يستجاد لكعب، قوله: البسيط لو كنت أعجب من شيء لأعجبني *** سعي الفتى وهو مخبوء له القدر يسعى الفتى لأمور ليس يدركه *** فالنفس واحدة والهم منتشر والمرء ما عاش ممدود له أمل *** لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر ومما يستجاد له أيضاً: السريع إن كنت لا ترهب ذمي لم *** تعرف من صفحي عن الجاهل فاخش سكوتي إذ أنا منصت *** فيك لمسموع خنا القائل والسامع الذم شريك له *** ومطعم المأكول كالآكل مقالة السوء إلى أهله *** أسرع من منحدر سائل ومن دعا الناس إلى ذمه *** ذموه بالحق وبالباطل وسبب إسلام كعب وخبر هذه القصيدة مذكور في كتب السير والأخبار، لا سيما في شرحيهما للبغدادي وابن هشام. وملخصه على ما نقله البغدادي عن أبي عمرو بن العلاء: أن زهيراً، قال لبنيه: إني رأيت في منامي سبباً دلي من السماء إلى الأرض، فمددت يدي لأتناوله ففاتني، فأولته بالنبي الذي يبعث في هذا الزمان، وني لا أدركه، فمن أدركه منكم فليؤمن به. فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم آمن بجير بن زهير، وأقام كعب على الكفر والتشبيب بنساء المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن وقع كعب بن زهير في يدي لأقطعن لسانه . وكتب كعب أبياتاً أرسلها إلى بجير يوبخه على إسلامه، فكتب بجير إلى كعب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمك، فإن أسلمت، ولقيته مسلماً، طمعت لك في النجاة، وإلا فإني أحسبك لا تنجو! فأسلم كعب، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنشده هذه القصيدة، فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأجازه بردته الشريفة التي بيعت بالثمن الجزيل، حتى بيعت في أيام المنصور الخليفة بمبلغ أربعين ألف درهم. وبقيت في خزائن بني العباس إلى أن وصل المغول وجرى ما جرى. والله أعلم بحقيقة الحال. وأنشد بعده الخفيف إن من يدخل الكنيسة يوم *** يلق فيها جآذراً وظباء على أن اسم إن ضمير الشأن، حذف لضرورة الشعر، والتقدير: إنه من يدخل إلخ. وهذا البيت قد تقدم شرحه في الشاهد الثامن والسبعين. وأنشد بعده:
|